سبونج المجنون99 الاعضاء النشطاء
عدد المساهمات : 600 العمر : 27 الموقع : منتدى عباد الرحمن الإشهاري المزاج : رااااايق الحمد لله
| موضوع: نماذج احتسابية من حياة المرأة المسلمة السبت مايو 26, 2012 12:03 am | |
| نماذج احتسابية من حياة المرأة المسلمة
عبده قايد الذريبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسولِ الله، وعلى آله وصحْبه ومَن والاه.
أما بعد:
فإنَّ الدعوةَ إلى الله، والاحتساب على المنكرات؛ ليس حكرًا على الرِّجال فحسبُ، بل ذلك واجبٌ على الرِّجال والنِّساء على حدٍّ سواء، كل بحسب علمه وقُدرته واستطاعته؛ كما تدلُّ على ذلك نصوص الكتاب والسنَّة الصحيحة، ومِن ذلك قوله - تعالى -: ? كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ? [آل عمران: 110]، وقوله: ? وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ? [آل عمران: 104]، وقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رأى مِنكم منكرًا فليغيِّرْه بيده، فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإنْ لم يستطعْ فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))[1].
فهذه النصوص - وما في معناها - تدلُّ بعمومها على أنَّ الحِسْبة واجبةٌ على الرِّجال والنساء جميعًا على حدٍّ سواء، فـ((مَن رأى منكم منكرًا)) وجَب عليه أن يحتسب عليه، سواء كان المُنكَر في البيت، أو في الوظيفة، أو في السوق، أو ما أشْبه ذلك، وسواء كان الرائي رجلاً أو امرأة، فليحتسبْ عليه إذا كان قادرًا عالمًا.
وقد جاءتْ نُصُوصٌ صريحة بحثِّ الرجال والنساء على الحِسبة جميعًا، فمن ذلك قوله تعالى: ? وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? [التوبة: 71].
فهذه الآية الكريمة تدلُّ على أنَّ الحسبة واجبةٌ على الرِّجال والنساء، كل حسب قُدرته وعِلمه، وتدلُّ أيضًا على أنَّ الحسبة مِن أهم صفات المؤمنين والمؤمنات، وتدلُّ على أنَّ مَن اتصف بهذه الصفات كلها، فإنَّه أهلٌ لنيل رحمة الله، سواء كان ذلك رجلاً أو امرأة.
وهذه الآية تدلُّ على أنَّ المؤمنين والمؤمنات جميعًا معنيُّون بالحسبة، وأنهم إذا قاموا بذلك فازوا برحمةِ الله.
وقد حثَّ المولى - تبارك وتعالى - نِساء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمهات المؤمنين - على الحِسْبة؛ وأرشدهنَّ إلى آداب ذلك، فقال - تعالى -: ? يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ? [الأحزاب: 32]، قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما - في قوله: ? وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا ? "أمْرهنَّ بالأمر بالمعروف، ونَهْيهنَّ عن المنكر"[2]، وقال ابنُ زيد - رحمه الله تعالى -: "قولاً حسنًا جميلاً معروفًا في الخير"[3]، وقال البغويُّ - رحمه الله تعالى -: "لوجه الدِّين والإسلام بتصريح وبيان مِن غير خضوع"[4].
وقد بيَّن العلماءُ - رحمهم الله تعالى - أنَّ الحسبة واجبةٌ على النِّساء كوجوبها على الرِّجال، مع مراعاة الآداب الشرعيَّة المنوطة بها؛ قال الإمام ابنُ النحَّاس الدمشقي - رحمه الله تعالى -: "إنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبٌ على النساء كوجوبِه على الرِّجال، حيثُ وُجِدت الاستطاعة"[5].
وقال العلاَّمة ابن باز - رحمه الله تعالى - في ردِّه على سؤال: عن المرأة والدعوة إلى الله؛ ماذا تقولون؟
فأجاب - رحمه الله تعالى - بقوله: "هي كالرَّجُل، عليها الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنَّ النصوص مِن القرآن الكريم والسنَّة المطهَّرة تدلُّ على ذلك، وكلام أهلِ العِلم صريحٌ في ذلك، فعليها أن تدعوَ إلى الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المُنكَر بالآداب الشرعيَّة، التي تُطلب من الرجل، وعليها مع ذلك ألاَّ يُثنيها عن الدعوة إلى الله الجزعُ، وقِلَّة الصبر، لاحتقار بعضِ الناس لها، أو سبِّهم لها، أو سخريتهم بها، بل عليها أن تتحمَّل وتصبر، ولو رأتْ مِن الناس ما يعتبر نوعًا من السخرية والاستهزاء، ثم عليها أنْ ترعى أمرًا آخر، وهو أن تكون مثالاً للعفَّة والحجاب عنِ الرِّجال الأجانب، وتبتعد عنِ الاختلاط، بل تكون دعوتها مع العناية بالتحفُّظِ من كلِّ ما يُنكر عليها، فإنْ دعت الرجال دعتْهم، وهي محتجِبة بدون خلوةٍ بأحد منهم، وإن دعتِ النساء دعتهنَّ بحكمة، وأن تكون نزيهةً في أخلاقها وسيرتها؛ حتى لا يعترضْنَ عليها، ويقلْنَ: لماذا ما بدأت بنفسها؟!
وعليها أن تبتعدَ عن اللباس الذي قد تَفتن الناس به، وأن تكون بعيدةً عن كل أسباب الفِتنة، من إظهار المحاسن، وخضوع في الكلام، ممَّا ينكر عليها، بل تكون عندَها العناية بالدعوةِ إلى الله على وجهٍ لا يضرُّ دِينها، ولا يضرُّ سُمعتَها"[6].
ولتعلم المرأة أنها نِصف المجتمع، فإذا قامتْ بدورها اكتملَ المجتمع، وإذا لم تقمْ بدورها تعطَّل نصف المجتمع، وعليها مسؤولية كما على أخيها الرجل؛ فعن عبدِالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنَّه سمِع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته)) إلى أنْ قال: ((والمرأةُ في بيت زوجها راعية، وهي مسؤولةٌ عن رعيتها))[7].
ولتوقِن المحتسِبة بعظيم الأجْر والثواب عندَ الله؛ قال تعالى : ? مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ? [غافر: 40]، وقال: ? وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ? [النساء: 124]، وقال: ? إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ? [الأحزاب: 35]، فالمرأةُ والرَّجل متساوون في الثواب والعقاب، فإذا عملتِ المرأة عملاً صالحًا أُثيبت عليه كما يُثاب الرجل، ومِن أجلِّ الأعمال وأفضلها، وأكثرها ثوابًا وأجرًا: الحِسبة؛ كما دلَّتْ على ذلك نصوصُ الكتاب والسنَّة الصحيحة؛ كقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن دعا إلى هُدًى كان له مِن الأجْر مثلُ أجور مَن تبِعه لا ينقُص ذلك مِن أجورهم شيئًا))[8]، وكقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن دلَّ على خيرٍ فله مِثل أجْر فاعله))[9].
| |
|